-->
404
نعتذر ،لم نستطع إيجاد الصفحة التي تبحث عنها ارجع إلى الرئيسية

الاثنين، 24 أكتوبر 2016

بعض المواقع الموثوقة لعلماء الجزائر على عقيدة أهل السنة و الجماعة

1)-التعريف بالشيخ أبي عبد المعزِّ
محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ
الحمد لله وليِّ الصالحين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه الطاهرين، ومن اقتفى آثارَهم وسلك سبيلَهم إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فبناءً على كثرة الطلبات المُفْصِحة عن رغبةٍ شديدةٍ لمعرفة السيرة الذاتية للشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ والاطِّلاع على مسيرته العلمية ومشاركاته الدعوية، والوقوفِ على مؤلَّفاته المطبوعة منها والمخطوطة، وكذا علاقته بإخوانه مِن العلماء وطلبة العلم الشرعيِّ، ارتأت الإدارةُ استجابةً لِمَا سبق أن تزوِّد متصفِّحي الموقع بأبرز معالم شخصية الشيخ ـ حفظه الله ـ على النحو التالي:
أوَّلًا: اسمه ومولده:
أبو عبد المعزِّ محمَّد علي بن بوزيد بن علي فركوس القُبِّي، نسبةً إلى القُبَّة القديمة بالجزائر (العاصمة) التي وُلد فيها بتاريخ: ٢٩ ربيعٍ الأوَّل ١٣٧٤ﻫ الموافق ﻟ: ٢٥ نوفمبر ١٩٥٤م متزامنا مع اندلاع الثورة التحريرية في الجزائر ضدَّ الاستعمار المحتل الفرنسيِّ الغاشم.
ثانيًا: نشأته العلمية:
نشأ الشيخ ـ حفظه الله ـ في محيطٍ عِلميٍّ وبيت فضلٍ وحُبٍّ للعلم وأهله، فكان لذلك أثرُه الواضح في نشأته العلمية، حيث تدرَّج في تحصيل مدارك العلوم بالدراسة ـ أوَّلًا ـ على الطريقة التقليدية، فأخذ نصيبَه مِن القرآن الكريم وشيئًا مِن العلوم الأساسية في مدرسةٍ قرآنيةٍ على يد الشيخ محمَّد الصغير معلم، ثمَّ الْتحق بالمدارس النظامية الحديثة التي أتمَّ فيها المرحلةَ الثانوية، وبالنظر إلى عدم وجود كلِّيَّاتٍ ومعاهدَ في العلوم الشرعية آنذاك واصل دراستَه النهائية بكلِّية الحقوق والعلوم الإدارية، إذ كانت أقربَ كلِّيَّةٍ تُدرَّس فيها جملةٌ مِن الموادِّ الشرعية، ولا يزال ـ طيلةَ مرحلته الجامعية ـ تشدُّه رغبةٌ مؤكَّدةٌ وميولٌ شديدٌ للاستزادة مِن العلوم الشرعية والنبوغ فيها، فأكرمه الله تعالى بقَبوله في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، حيث وجد ضالَّتَه في هذا البلد الأمين.
ثالثًا: أبرز المشايخ الذين استفاد منهم:
في أثناء مرحلته الدراسية بالمدينة النبوية استفاد مِن أساتذةٍ وعلماءَ كرامٍ ـ ملازمةً ومجالسةً وحضورًا ـ، سواءٌ في الجامعة الإسلامية أو في المسجد النبويِّ الشريف، ومِن أشهرهم:
١ـ الشيخ: عطيَّة محمَّد سالم ؒ القاضي بالمحكمة الكبرى بالمدينة النبوية والمدرِّسُ بالمسجد النبويِّ: حضر بعضَ مجالسه في شرح «الموطَّأ» للإمام مالكٍ ؒ.
٢ـ الشيخ عبد القادر شيبة الحمد: أستاذ الفقه والأصول في كلِّيَّة الشريعة.
٣ـ الشيخ أبو بكرٍ الجزائري: المدرِّس بالمسجد النبويِّ وأستاذ التفسير بكلِّيَّة الشريعة.
٤ـ محمَّد المختار الشنقيطي ؒ (والد الشيخ محمَّد): أستاذ التفسير بكلِّيَّة الشريعة، ومدرِّس كتب السُّنَّة بالمسجد النبويِّ.
٥ـ الشيخ عبد الرؤوف اللَّبدي: أستاذ اللغة بكلِّيَّة الشريعة.
كما استفاد مِن كبار العلماء والمشايخ أمثال الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ حمَّاد بن محمَّد الأنصاريِّ رحمهما الله تعالى مِن خلال المحاضرات.
وكان حريصًا على حضور المناقشات العلمية للرسائل الجامعية التي كانت تُناقَش بقاعة المحاضرات الكبرى بالجامعة الإسلامية مِن قِبَل الأساتذة والمشايخ الذين لهم قدمٌ راسخةٌ في مجال التحقيق ورحلةٌ طويلةٌ في البحث العلميِّ، وقد أكسبه ذلك منهجيةً فذَّةً في دراسة المسائل العلمية ومناقشتها.
رابعًا: رجوعه إلى بلده:
حدَّثنا الشيخ ـ حفظه الله ـ يومًا عن طلبه للعلم بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، فكان ممَّا قاله: «كنت إذا استفدتُ فائدةً فرحت بها فرحًا عظيمًا وتمنَّيتُ لو استطعتُ أن أطير بها إلى الجزائر لأبلِّغها للناس ثمَّ أرجع إلى المدينة». ومثل سائر المصلحين الذين إذا حصَّلوا الرصيدَ الكافيَ مِن علوم الشريعة رجعوا إلى أوطانهم داعين إلى الحقِّ ومحذِّرين ممَّا يخالفه استقرَّ الشيخ ـ حفظه الله ـ في وطنه الجزائر بعد عودته مِن المدينة النبوية سنة: (١٤٠٢ﻫ ـ ١٩٨٢م)، فكان مِن أوائل الأساتذة بمعهد العلوم الإسلامية بالجزائر العاصمة الذي اعتُمد رسميًّا في تلك السنة، وقد عُيِّن فيه ـ بعد ذلك ـ مُديرًا للدراسات والبرمجة.
وفي سنة: (١٤١٠ﻫ ـ ١٩٩٠م) انتقل إلى جامعة محمَّد الخامس بالرباط لتسجيل أطروحة العالمية العالية (الدكتوراه)، ثمَّ حوَّلها ـ بعد مُدَّةٍ مِن الزمان ـ إلى الجزائر، فكانت أوَّلَ رسالة دكتوراه دولة نوقشت بالجزائر العاصمة في كلِّية العلوم الإسلامية، وذلك سنة (١٤١٧ﻫ ـ ١٩٩٧م). ولا يزال إلى يوم الناس هذا مدرِّسًا بهذه الكلِّيَّة، مُسَخِّرًا وقتَه وجُهدَه لنشر العلم ونفعِ الناس والإجابة عن أسئلتهم.
خامسًا: نشاطه العلميُّ:
لم تكن كلِّيَّة العلوم الشرعية منبرَه العلميَّ والتربويَّ الوحيد في الدعوة إلى الله تعالى، بل كانت المساجدُ بيوتُ الله مأوى طلبة العلم المتوافدين إليه، فأتمَّ شرح «روضة الناظر» لابن قدامة المقدسيِّ ؒ في علم الأصول بمسجد «الهداية الإسلامية» بالقبَّة (العاصمة)، كما أتمَّ شرح «مبادئ الأصول» لابن باديس بمسجد «الفتح» بباب الوادي (العاصمة)، ودَرَّس «القواعد الفقهية» بمسجد «أحمد حفيظ» ببلكور (العاصمة)، وأقام مجالس علميةً متنوِّعةً أجاب فيها عن عِدَّة أسئلةٍ في مختلف العلوم والفنون جُمعت له في أشرطةٍ وأقراصٍ سمعية، إلى أن حال بينه وبين تحقيق المزيد مِن النشاط المسجديِّ عائقٌ إداريٌّ مِن الجهات الوصيَّة مَنَعه مِن الاستمرار بالنظر إلى الظروف الصعبة التي كانت تعيش فيها الجزائر في تلك الفترة، فانتقل إلى إقامة حلقاتٍ على رصيف الشارع المجاور لبيته، ثمَّ إلى المكتبة المجاورة لمسجد «الهداية الإسلامية» بالقبَّة كلَّ يومٍ بعد صلاتَيِ الفجر والعصر، ثمَّ ما لبث أن انتشرت الإنترنت في ربوع الجزائر، فكان له قصب السبق في إنشاء موقعه الدعويِّ الرسميِّ على هذه الشبكة، ثمَّ عمل على تأسيس مجلَّة «الإحياء» الصادرة مِن موقعه الرسميِّ توسيعًا لمجال دعوته وتعميمًا للخير والنفع.
نسأل اللهَ تعالى أن يُقَوِّيَه على طاعته، وأن يجعل ذلك في ميزان حسناته يومَ لا ينفع مالٌ ولا بنونٌ إلاَّ من أتى اللهَ بقلبٍ سليمٍ.
سادسًا: مؤلَّفاته العلمية:
للشيخ ـ حفظه الله ـ كتبٌ تنوَّعت بين تحقيقٍ وتأليفٍ وشرحٍ، وتمتاز مؤلَّفاتُه بالأسلوب العلميِّ الرصين الذي يغلب عليه الطابع الأصوليُّ، وعباراته دقيقةٌ وهادفةٌ خاصَّةً الفقهية والأصولية، وتأصيلاته للمسائل مؤسَّسةٌ مِن منطلق اكتشافه لمنشإ الخلاف وسببه، وهو مدركٌ عزيزٌ، الأمر الذي استحسنه متتبِّعو مؤلَّفاتِه مِن المشايخ والطلبة وتلقَّوْه بالرضى والقبول:
أمَّا تحقيقاته فيلتزم فيها ـ في الجملة ـ ما يلتزم به أهل التحقيق لكتب التراث، ويؤدِّي فيها المقصدَ مِن التحقيق والدراسة كما شهد له المتخصِّصون مِن أهل التحقيق، ويمكن عرضُ بعض الكتب المحقَّقة والمؤلَّفات والشروح على النحو التالي:
ـ تحقيق: «تقريب الوصول إلى علم الأصول» لأبي القاسم محمَّد بن أحمد بن جُزَيٍّ الكلبيِّ الغرناطيِّ، المتوفَّى سنة (٧٤١ﻫ).
ـ تحقيق: «الإشارة في معرفة الأصول والوجازة في معنى الدليل» للإمام أبي الوليد الباجيِّ المتوفَّى سنة (٤٧٤ﻫ).
ـ تحقيق: «مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول» ويليه: كتاب «مثارات الغلط في الأدلَّة» للإمام أبي عبد الله محمَّد بن أحمد الحسنيِّ التلمسانيِّ (٧٧١ﻫ ـ ١٣٧٠م).
ـ «ذوو الأرحام في فقه المواريث».
ـ «مختاراتٌ من نصوصٍ حديثيةٍ، في فقه المعاملات المالية».
ـ «الفتح المأمول شرح مبادئ الأصول» للشيخ عبد الحميد بن باديس المتوفَّى سنة (١٣٥٩ﻫ).
ـ «الإنارة شرح كتاب: الإشارة في معرفة الأصول والوجازة في معرفة الدليل».
ـ «الإعلام بمنثور تراجم المشاهير والأعلام».
وله من السلاسل العلمية:
١ـ سلسلة «ليتفقَّهوا في الدين»: طُبع منها:
ـ طريق الاهتداء إلى حكم الائتمام والاقتداء.
ـ المُنية في توضيح ما أشكل مِن الرقية.
ـ فرائد القواعد لحلِّ معاقد المساجد.
ـ محاسن العبارة في تجلية مُقْفَلات الطهارة.
ـ الإرشاد إلى مسائل الأصول والاجتهاد.
ـ مجالس تذكيريةٌ على مسائل منهجيةٍ.
ـ أربعون سؤالًا في أحكام المولود.
ـ العادات الجارية في الأعراس الجزائرية.
ـ العمدة في أعمال الحجِّ والعمرة.
٢ـ سلسلة «فقه أحاديث الصيام»: طُبع منها:
ـ حديث تبييت النيَّة.
ـ حديث النهي عن صوم يوم الشكِّ.
ـ حديث الأمر بالصوم والإفطار لرؤية الهلال.
ـ حديث حكم صيام المسافر ومدى أفضليته في السفر
٣ـ سلسلة «توجيهات سلفية»: طُبع منها:
ـ المنطق الأرسطيُّ وأثر اختلاطه بالعلوم الشرعية.
ـ شرك النصارى وأثرُه على أمَّة الإسلام.
ـ تربية الأولاد وأُسُس تأهيلهم.
ـ العلمانية: حقيقتها وخطورتها.
ـ نصيحةٌ إلى طبيبٍ مسلمٍ ضمن ضوابط شرعيةٍ يلتزم بها في عيادته.
ـ الإخلاص بركة العلم وسرُّ التوفيق.
ـ الإصلاح النفسيُّ للفرد أساسُ استقامته وصلاحِ أمَّته، ومعه: نقدٌ وتوضيحٌ في تحديد أهل الإصلاح وسبب تفرُّق الأمَّة.
ـ منهج أهل السنَّة والجماعة في الحكم بالتكفير بين الإفراط والتفريط ومعه: «نقدٌ وتوضيحٌ: السلفية منهج الإسلام، وليست دعوة تحزُّبٍ وتفرُّقٍ وفسادٍ».
ـ حكم الاحتفال بمولد خير الأنام .
ـ دعوى نسبة التشبيه والتجسيم لابن تيمية، وبراءتُه مِن ترويج المُغْرِضين لها.
ـ الصراط في توضيح حالات الاختلاط.
ـ توجيه الاستدلال بالنصوص الشرعية على العذر بالجهل في المسائل العقدية.
ـ الجواب الصحيح في إبطال شبهاتِ مَن أجاز الصلاةَ في مسجدٍ فيه ضريحٌ.
ـ تحرِّي السداد في حكم القيام للعباد والجماد.
ـ منصب الإمامة الكبرى، أحكامٌ وضوابط.
وللشيخ ـ حفظه الله ـ مقالاتٌ نُشرت ضمن أعدادٍ مِن مجلَّة «منابر الهدى» ومجلَّة «الإصلاح» وإجاباتٌ عن أسئلةٍ واردةٍ مِن قُرَّاء المجلَّتين بمنبر الفتاوى، وكذا الواردة من منتديات «التصفية والتربية» فضلًا عن الكلمات الشهرية والمقالات الأصولية والفقهية والنصائح السلفية بموقعه الرسميِّ الذي أصدر مجلَّةً ناطقةً باسمه موسومةً ﺑ:«الإحياء».
وقد ناقش الشيخ ـ حفظه الله ـ العديدَ مِن أطروحات الدكتوراه ورسائل الماجستير على المستوى الجامعيِّ كما أشرف على أطروحاتٍ ورسائل أخرى، وهي مرتَّبةٌ على موقعه الرسميِّ.
سابعًا: معالم شخصية الشيخ ـ حفظه الله ـ:
من أبرز معالم شخصية الشيخ ـ حفظه الله ـ:
١ـ دعوته إلى التوحيد والسنَّة ونبذُه ما يُضادُّهما:
فإنَّ أعظمَ ما يدعو إليه الدعاةُ هو الدعوة إلى الأصلين الشريفين والمنبعين الصافيَيْن وهما دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام المختصرة في قولهم: ﴿أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓ﴾ [المؤمنون: ٣٢]، وكذا التنفير ممَّا يخدشهما ويضادُّهما مِن الشركيات والبِدَع، فالأولى تقدح في التوحيد والثانيةُ في المتابعة، وقد كرَّس الشيخ ـ حفظه الله ـ وقتَه وطاقته لتحقيق ذلك، ولقي في سبيل ذلك معاداةً وأذًى شديدين مِن المخالفين والمناوئين المبغضين لدعوة الحقِّ إلى أن وصل بهم الحقدُ إلى أن شنُّوا حملاتٍ مسعورةً مِلْؤُها الكذبُ والزور وبترُ الكلام في الصحف اليومية لتشويه سمعته وتأليب العامَّة عليه، ولكنَّ ذلك لم يَثْنه عن السير على منهج دعوة الأنبياء، ولا زالت فتاواه ورسائلُه على ما كانت عليه مِن صفاء العقيدة وسلامة المنهج.
٢ـ دفاعه عن العقيدة السلفية وعلمائها الداعين إليها:
إنَّ الدعوة إلى الكتاب والسنَّة يَلزم منها نصرةُ ما تضمَّنته مِن عقيدةٍ بالأسلوب القويم، وردُّ تشويهات الشانئين لها والداعين إليها تحقيقًا لقوله تعالى: ﴿وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖ﴾ [التوبة٧١]، وقوله ﷺ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا» [البخاري (٢٤٤٣)]، ولم يخرج الشيخُ ـ حفظه الله ـ عن هذا المنهج، فقد كتب عدَّةَ مقالاتٍ وأصدر مؤلَّفاتٍ ينافح فيها عن العقيدة السليمة ويناصر فيها علماءَها، ولمَّا تناهى إلى أسماعه أنَّ بعض الحاقدين يشوِّه صورةَ شيخ الإسلام ابن تيمية ؒ ويتَّهمه بتشبيه صفات الله تعالى وتمثيلها، يذكر ذلك علنًا دون خشيةٍ أو خجلٍ؛ ثارت غيرتُه على العقيدة السلفية أن يلوِّثها المدَّعُون، وعلى عِرْض شيخ الإسلام أن يدنسِّه الشانئون، فبادر إلى كتابة رسالة: «دعوى نسبة التشبيه والتجسيم لابن تيمية، وبراءته من ترويج المُغْرِضين لها» دَحَض فيها الشبهَ وأزال الأوهام المثارة حول الموضوع.
ودفاعه عن الشيخ الألباني ؒ مِن تهمة الإرجاء معروفٌ ومشهورٌ، وفي «مجالس التذكير» منشورٌ، فجزاه الله ومَن سَبَقه بالعلم والفضل خيرًا.  
٣ـ رجوعه إلى الحقِّ والانصياع له:
لا شكَّ أنه لا أحد إلَّا ويؤخذ مِن قوله ويُردُّ إلَّا رسول الله ﷺ، وعدمُ الاستنكاف مِن الرجوع إلى الحقِّ خُلُقٌ فاضلٌ يزيد النبيلَ نبلًا والفاضلَ فضلًا ورفعةً، وممَّا عايشناه مِن الشيخ ـ حفظه الله ـ قبولُه للنقد وتواضُعُه للحقِّ وعدمُ استكباره عن الرجوع إلى الصواب إذا ظهر له، ولا أدلَّ على ذلك ممَّا كتبه بيده في مقالته «تنبيهٌ واستدراكٌ» لمَّا استُدرِك عليه بعضُ الكلمات الموهِمة قائلًا: «ففي مَطلع صفحة (٥٨) في ركن «فتاوى شرعية» من مجلَّة «الإصلاح» الصادرة عن دار الفضيلة للنشر والتوزيع في عددها (١٠) والمؤرَّخة ﺑ رجب/ شعبان ١٤٢٩ﻫ، الموافق ﻟ: جويلية/ أوت ٢٠٠٨م، جاء في نصِّ الفتوى الثانية الموسومة ﺑ «عدم فاعلية السبب الوضعيِّ بنفسه» عباراتٌ مُجملةٌ تحتاج إلى توضيحٍ وتنبيهٍ، وأخرى مجانبةٌ للصواب تحتاج إلى استدراكٍ ورجوعٍ إلى الحقِّ».
وكم مِن مسألةٍ يستشكلها بعضُ طُلَّابه ويراجعونه فيها فإذا ظهر له صوابُ المعترض أذعن إلى الحقِّ ورجع إلى الصواب، وذلك شأنُ المنصِف المتجرِّد، نحسبه كذلك والله حسيبُه.
ثامنًا: علاقته بالعلماء وطلبة العلم:
إنَّ ممَّا نشهد به على ما رأيناه مِن شيخنا ـ حفظه الله تعالى ـ هو حسنُ أخلاقه وسَمْته، وتواضعُه مع طلبة العلم، ورحمتُه بهم كالوالد مع ولده، يقرِّبهم إليه ويبسط لهم المسائلَ ويؤصِّلها لهم، ويعلِّمهم الكيفيةَ المثلى في الإجابة، ويعقد لهم المجالسَ العلمية مجيبًا عن تساؤلاتهم واستفساراتهم باذلًا جهده في حلِّ إشكالاتهم مِن غير استعلاءٍ ولا كتمانٍ، وكم كنَّا نسمع منه قوله: «إني لَأرجو أن أكون درجًا يرتقي عليه طلبةُ العلم ليَعْلُوا في مدارج الكمال»، وتعاهُدُه لهم بالسؤال عنهم ومساعدتهم على قضاء حوائجهم وتوجيههم، ونصحُهم بما يفيدهم في دينهم ودنياهم، وترغيبهم في التكتُّل على الحقِّ واتِّباع منهج النبوَّة، وترهيبهم مِن التكتُّل على الباطل واتِّباع منهج الضلال، شيءٌ يعرفه الخاصُّ والعامُّ حتى أصبح عَلَمًا على شخصية الشيخ ـ حفظه الله ـ.
أمَّا العلماء فقد أثنَوْا على الشيخ وعلمِه ثناءً عَطِرًا ومِن أولئك:
ـ الشيخ عبد المحسن العبَّاد ـ حفظه الله ـ:
ففي رسالته: «رفقًا أهل السنَّة بأهل السنَّة»، فقد أوصى أن يستفيد طلَّاب العلم في كلِّ بلدٍ مِن المشتغلين بالعلم مِن أهل السنَّة، وكان ممَّن ذكره في الجزائر الشيخُ محمَّد علي فركوس.
ـ الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ـ:
فإنه لا يذكر الشيخَ إلَّا بالجميل كما شهد بذلك مَن يحضر مجالسَه في بيته بمكَّة المكرَّمة، وقد أفصح عن ذلك في مقالته: «حكم المظاهرات في الإسلام»، حيث قال: «وعلماء السُّنَّة في كلِّ مكانٍ يحرِّمون المظاهراتِ ـ ولله الحمد ـ، ومنهم علماء المملكة العربية السعودية، وعلى رأسهم العلَّامة عبد العزيز بن عبد الله بن بازٍ مفتي المملكة سابقًا، والعلَّامة محمَّد بن صالح العثيمين، وهيئة كبار العلماء وعلى رأسهم مفتي المملكة الحاليُّ الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، وفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، وفضيلة الشيخ صالح اللحيدان، ومحدِّث الشام محمَّد ناصر الدين الألبانيُّ، وعلماء السُّنَّة في اليمن وعلى رأسهم الشيخ مقبلٌ الوادعيُّ، وعلماء الجزائر وعلى رأسهم الشيخ محمَّد علي فركوس، رحم الله مَن مضى منهم، وحفظ الله وثبَّت على السُّنَّة مَن بقي منهم، وجَنَّب المسلمين البدعَ والفتن ما ظهر منها وما بطن».
ـ الشيخ عبد الرحمن بن ناصرٍ البرَّاك ـ حفظه الله ـ:
إذ بعد أن أطلعه بعض طلبة العلم على رسالة الشيخ: «تحرِّي السداد في حكم القيام للعباد والجماد» أبدى إعجابَه بمضمونها المتَّفِق وعقيدةَ أهل السُّنَّة والجماعة، فرغب ـ حفظه الله ـ في كتابة تقريظٍ لها، وممَّا جاء فيه: «فقد اطَّلعتُ على البحث الذي أعدَّه الشيخ محمَّد علي فركوس بعنوان: «تحرِّي السداد في حكم القيام للعباد والجماد» فوجدتُه بحثًا قيِّمًا..».
ـ الشيخ سعد بن ناصرٍ الشثري ـ حفظه الله ـ:
العضو السابق بهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية: وثناؤه على الشيخ معروفٌ لدى طلبته في دروسه، وتبليغُه سلامَه للشيخ مع الطلبة الجزائريين مشهورٌ عنه، بل صَرَّح بالثناء في بعض رسائله الخاصَّة قائلًا: «..وحيث إنَّ الدكتور فركوس مِن أفاضل علماء الشريعة علمًا وخُلقًا وسُنَّةً واحتسابًا فيما يظهر لي، وهو ممَّن يدقِّق في لفظه».
كما أثنى على الشيخ ـ حفظه الله ـ وعلى مؤلَّفاته وفتاويه الكثيرُ مِن المدرسين وطلبة العلم الأقوياء في دروسهم ومجالسهم، وينصحون بالاستفادة منه ومِن تحقيقاته العلمية المبثوثة في كتبه ومؤلَّفاته.
فجزاهم الله جميعًا خيرَ الجزاء ووفَّقهم لرضاه وزادهم.
هذا ما عرَفْناه عن الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ صدقًا لا غلوَّ فيه ولا إطراء، وإن كنَّا نعتقد أنه بشرٌ كسائر بني آدم يصيب ويخطئ، ونحسبه ـ والله حسيبه ـ لا يتعمَّد الخطأَ ولا يغشُّ السائلين، ولا يُصِرُّ عليه إن ظهر له الصوابُ في خلافه، جعل جُلَّ وقته للدعوة المبنيَّة على العلم الصحيح المؤصَّل على الوحيين الشريفين: كتاب الله وسنَّة رسوله ﷺ بفهمِ مَن سلف مِن هذه الأمَّة الذين هم خيارُها وأفضلها، لا يدعو إلى حزبيةٍ سياسيةٍ أو دينيةٍ ولا إلى قوميةٍ أو شعوبيةٍ، شعارُه قوله تعالى: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ١٠٨﴾ [يوسف : ١٠٨]، يجتمع بإخوانه على اختلاف طبقاتهم العلمية على لقاءاتٍ إصلاحيةٍ، ولا يتوانى في خدمة الدين بكلِّ ما أوتي من جهدٍ وطاقةٍ.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعين شيخنا على أداء مهامِّه الدعوية وأن يجزيه خير الجزاء على ما يقدِّمه للأمَّة الإسلامية، إنه خير كفيلٍ وبالإجابة جديرٌ.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.
التاريخ: ٢١ من ذي الحجَّة ١٤٣٢ﻫ
الموافق ﻟ: ١٧ نوفمبر ٢٠١١م



http://ferkous.com/home


2)-الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ 
عزالدين رمضاني 
حفظه الله تعالى 

http://www.ramadani-dz.com


3)-الشيخ الدكتور / رضا بوشامة..حفظه الله

الاسم:
رضا بوشامة.
تاريخ ومكان الميلاد:
29-11-1968م بالجزائر العاصمة.
المؤهِّلات العلمية:
ـ درجة الليسانس في العلوم الإسلامية،تخصص الحديث النبوي، من كلية الحديث الشريف والدراسات الإسلامية، الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، عام 1415هـ ـ 1994م، بتقدير ممتاز.

ـ ماجستير في العلوم الإسلامية، تخصص علوم الحديث، من كلية الحديث الشريف والدراسات الإسلامية، الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، عام 1420هـ ـ 2000م، بتقدير ممتاز.

ـ دكتوراه في العلوم الإسلامية، تخصُّص علوم الحديث، من كلية الحديث والدراسات الإسلامية، الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، عام 1426هـ  ـ 2006م، بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى.

ـ جائزة المدينة المنورة الخيرية، فرع: النبوغ والتفوق الدراسي وخدمة التعليم، لعام (1427هـ).
الأعمال العلمية:

أ ـ الكتب المحققة:
ـ الإيماء إلى أطراف أحاديث كتاب الموطأ،للإمام أبي العباس أحمد بن طاهر الداني الأندلسي (ت 532هـ)، دراسة وتحقيق، رسالة ماجستير، وهو مطبوع في خمسة مجلدات بمكتبة المعارف بالرياض عام 1424هـ 2003م، بالاشتراك.

ـ المشيخة البغدادية، لأبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السِّلفي الأصبهاني نزيل الإسكندرية (ت 576هـ)، دارسة وتحقيق عشرة أجزاء من الكتاب (155 ق)، رسالة دكتوراه، والكتاب يتكون من 35 جزءاً (418 ق) والآن في صدد تحقيقه كاملاً وأتممت الكثير من أجزائه.

ـ أسماء شيوخ مالك بن أنس الأصبحي الإمام رضي الله عنه وأرضاه، للإمام الشيخ المحدث أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن خلفون الأونبي الأندلسي (636هـ)، تحقيق، مجلد، مطبوع بمكتبة أضواء السلف بالرياض، عام 1425هـ ـ 2004م.

ـ الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس،للحافظ أبي الحسن الدارقطني (ت 385هـ)، تحقيق، مجلد، مطبوع بمكتبة الرشد بالرياض عام 1418هـ 1997م.

ـ غرائب حديث مالك بن أنس رضي الله عنه،للحافظ أبي الحسين محمد بن المظفر البزاز (ت 379هـ)، تحقيق، مجلد، مطبوع بدار السلف بالرياض عام 1418هـ ـ 1997م.

ـ المنتخب من غرائب حديث مالك بن أنس رضي الله عنه، لأبي بكر ابن المقرئ الأصبهاني (ت 381هـ)، تحقيق، جزء، مطبوع بدار ابن حزم بالرياض، عام 1419هـ 1999م.

ـ الجزء الأول من التخريج لصحيح الحديث عن الشيوخ الثقات على شرط كتاب محمد بن إسماعيل البخاري وكتاب مسلم بن الحجاج القشيري مما أخرجه الحافظ أبو بكر أحمد ابن محمد بن غالب البرقاني الخوارزمي من أصول أبي الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن منصور العتيقي رحمهما الله، تحقيق، جزء، مطبوع بدار ابن حزم بالرياض عام 1420هـ 1999م.

ـ قصيدة من إنشاء الحافظ أبي طاهر السِّلفي الأصبهاني (576هـ)، تحقيق، جزء، مطبوع بدار ابن حزم بالرياض، عام 1424هـ ـ 2003م، وأعيد طبعة بدار الفضيلة بالجزائر عام (1428 هـ ـ 2007م).

ـ منتقى من السفينة البغدادية، للحافظ أبي طاهر السِّلفي الأصبهاني (576هـ)، تحقيق، جزء، مطبوع بدار ابن حزم بالرياض، عام 1424هـ ـ 2003هـ، وأعيد طبعة بدار الفضيلة بالجزائر عام (1428 هـ ـ 2007م).

ـ حديث مصعب بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله ابن الزبير بن العوام (ت 236هـ)،رواية أبي القاسم عبد الله ابن محمد بن عبد العزيز البغوي (317هـ)، تحقيق، مطبوع بدار ابن حزم بالرياض، عام 1424هـ ـ 2004م.

ـ ذكر من لم يكن عنده إلاَّ حديث واحد ومن لم يحدِّث عن شيخه إلاَّ بحديث واحد، للإمام الحافظ أبي محمد الحسن بن محمد الخلال (ت 439هـ)، تحقيق، جزء، مطبوع بدار ابن عفان بمصر عام (1425هـ ـ 2004).

ـ جزء فيه الكلام على حديث «إنَّ أولى الناس بي أكثرهم عليَّ
صلاة»، للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852هـ)، تحقيق، مطبوع بدار الفضيلة بالجزائر، عام (1428 هـ ـ 2007م).

ـ نقض اتهامات حول الدعوة السلفية، مطبوع بدار الفضيلة (1434هـ ـ 2013م).
ـ دور المرأة المسلمة في النصيحة، مطبوع بدار الفضيلة (1434هـ ـ 2013م).
ـ  مجموع مقالات، مطبوع بدار الفضيلة (1434هـ ـ 2013م).
ـ كلام الأقران والمتعاصرين بعضهم في بعض، ضوابط قبوله ورده، مطبوع بدار الفضيلة (1434هـ ـ 2013م).

ب ـ المقالات:
ـ غرائب حديث مالك بن أنس لابن المظفر البزاز، تحقيق طه بوسريح، عرض ونقد، منشور في مجلة عالم الكتب الرياض، المجلد (23) العدد الأول والثاني ، 1422هـ ـ 2002م.
ـ مقالات متنوعة منشورة في مجلة الإصلاح.
جـ ـ الندوات والملتقيات:
ـ المشاركة بورقة عمل في الملتقى الوطني الأول حول معالم الإصلاح عند الشيخ البشير الإبراهيمي، المنعقد في مدينة أفلو بولاية الأغواط أيام : 23 ـ 24 / 7 / 2007م.
ـ المشاركة ببحث بعنوان: (محبة النبي صلى الله عليه وسلم) في المؤتمر الدولي (نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم)، الذي أقيم في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الرياض، الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها بالمملكة العربية السعودية (شوال 1431هـ الموافق أكتوبر 2010م).
ـ المشاركة ببحث بعنوان: نقض اتهامات حول الدعوة السلفية، في المؤتمر الدولي (السلفية مطلب شرعي وواجب وطني)، المنعقد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الرياض شهر صفر 1433هـ الموافق لـ ديسمبر 2011.
 ـ المشاركة ببحث بعنوان: دور المرأة في النصيحة، في المؤتمر الدولي (النصيحة .. المنطلقات والأبعاد) المنعقد في جامعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الرياض شهر محرم 1434هـ الموافق لـ نوفمبر 2012.
العمل الحالي:
أستاذ الحديث المحاضر صنف (أ)، بكلية العلوم الإسلامية جامعة الجزائر.




4)-فضيلة الشيخ عبد الغني عوسات
حفظه الله

نبذة عن حياة الشيخ عبد الغني بن الحسن عَوْسات


أعد نص الحوار وحاور الشيخ: أبو فهيمة عبد الرحمن البجائي
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران:
۱۰۲].

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:
۱].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾[الأحزاب: ٧٠ - ٧١].
أمّا بعد:
فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بـدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
فقد تكاثرت النصوص من الكتاب والسُّنة وتضافرت بالتنويه بمكانة العلم الشرعي وأهله، فبالعلم يعرف الإنسانُ ربَّه - تبارك وتعالى- فيوحده ويعبده ويتبع صراطه المستقيم؛ الذي هو دين الإسلام القويم، وما أهل العلم إلَّا أدلَّاءٌ عليه دعاة إليه؛ بالعلم يعملون ومن مَعِينه الصافي ينهلون، فيرتوي من روائهم سائر الناس؛ منتفعين بهم مسترشدين بما معهم من العلم بالكتاب والسُّنة بفهم سلف هذه الأمَّة، فمن آي القرآن الكريم الشاهدة لأهل العلم بالفضل والنفع وسمو المكانة عند الله وعند جميع المؤمنين، قول ربنا - تبارك وتعالى- :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: ١١]. وقوله - تبارك وتعالى- : ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾[البقرة: ٢٦٩]، وقوله – عزوجل - : ﴿أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾[الزمر: ٩].
ومن السُّنة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وَلَفَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَاِبِدِ كَفَضْلِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ عَلَى سَاِئِر الكَوَاكِبِ؛ فَإِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، وإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا ولَا دِرْهَمًا وإِنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍ وَافِرٍ". رواه أحمد وأبو داود، وابن ماجه وغيرهم.
وقوله عليه الصلاة والسلام : "إِنَّهُ لَيَسْتَغْفِرُ للعَالِمِ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الحِيتَانُ فِي جَوْفِ البَحْر". أخرجه ابن ماجه.
فأهل العلم من صفوة الله من الخَلق وأعرف الناس بالحق، اصطفاهم الله - تبارك وتعالى- من سائر أَهل القبلة: " فتفضَّلَ عليهم فعلَّمهم الكتاب والحكمة، وفقَّههم في الدِّين، وعلَّمهم التأويل وفضَّلهم على سائر المؤمنين وذلك في كل زمان وأوان، ورفعهم بالعلم، وزيَّنهم بالحلْم، بهم يُعرف الحلال من الحرام، والحق من الباطل، والضار من النافع، والحسن من القبيح، فَضْلهم عظيم وخطرهم جزيل، ورثة الأنبياء، وقرَّة أعين الأولياء... ". (قاله الإمام الآجُرِّي في مُقَدِّمة كتابه "أَخْلاقُ العُلَماء").
يوقظون الناس من سباتهم وينبهونهم من غفلتهم ويبعثونهم من خمولهم بل خمودهم، فيوجِّهونهم إلى فلاحهم بسلوك سُبل الجِد والاجتهاد، ويُحيون مَن قتلهم الجهل والانحراف، فيثبِّتونهم على سبيل الرشاد والسداد؛ الذي هو سبيل الرسول - صلّى الله عليه وآله وسلم -  الذي فيه الحياة الحقيقية؛ الحياة الطيبة التي وعدَها الله - تبارك وتعالى- من اتبع دينه وشَرْعه من عباده ذكرانا وإناثا: " فالحياة الحقيقية الطيَّبة؛ هي حياة من استجاب لله والرسول ظاهرا وباطنا، فهؤلاء هم الأحياء وإن ماتوا، وغيرهم أموات وإن كانوا أحياء الأبدان، ولهذا كان أكمل الناس حياة أكملهم استجابة لدعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّ كل ما دعا إليه ففيه الحياة، فمن فاته جزء منه فاته جزء من الحياة، وفيه من الحياة بحسب ما استجاب للرسول - صلى الله عليه وسلم - ". (كتاب "الفوائد" لابن القيم ص١٠٣).
فلا شك إذًا أنّ أهل العلم - الدعاة إلى الله على وَفق هدي النبي صلى الله عليه وسلم - هم الدعاة إلى الحياة الحقيقية الطيبة السعيدة، والله تعالى هو الموفق.
فما على المسلمين عامة والشباب منهم خاصة إلا اتباع سبيل علمائهم - علماء أهل السُّنة والجماعة - ،اتِّباع السلف الصالح، فبهم يسترشدون وعلى خطاهم يسيرون وبعلومهم ونصحهم وتوجيهاتهم يستنيرون ويهتدون، في زمن أظلمت فيه المسالك - إلا ما رحم الله - وارتفعت فيه ألوية الفساد بشتى أوصافه وصفاته، فإنّما النجاة بالاستمساك بهم والاعتصام بالسُّنة التي هم الأدلاء عليها الحفظة لها، فليجعل كل مسلم - بالقرآن مهتد وبالسُّنة مقتد - نصب عينيه قول الإمام الأَوزاعي - رحمه الله تعالى - : " اصبر نفسك على السُّنة، وقِف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكفَّ بما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح، فإَّنه يسعك ما وسعهم". (أخرجه الَّالَكائي في "شرح أصول الاعتقاد" نقلا عن كتاب "الإصباح في بيان منهج السلف في التربية والإصلاح" ص٣٣).
وإنّ من هؤلاء الفضلاء من أهل العلم: شيخنا عبد الغني بن الحسن عَوْسَات - حفظه الله تعالى وأيده -، الذي تفضل - جزاه الله خيرا - بذكر شيء من سيرته وجوانب من حياته؛ على شكل حوار يتضمن أسئلة ألقيناها عليه؛ كان الغرض منها التعريفَ بشيخنا، بجهوده في العلم والدعوة إلى الله تعالى، لعل الله - تبارك وتعالى - ينفع بها ويجعل لِتِلكم السيرة - في الجد والسعي في طلب العلم وبثِّه ونشره ونشر الخير- مَن يقتدي ويهتدي، وبتلك الآثار والمآثر يقتفي، كما كان شأن أسلافنا الصالحين الذين بلغوا شأوًا بعيدا من الاهتداء والاقتداء بالصالحين مِن علماء هذه الأُمَّة وأئمتها.
واللهَ - سبحانه وتعالى- نسأل أن ينفع بهذه الترجمة كلَّ من قرأها أو اطلع عليها، وندعوه - تبارك وتعالى - أن يُجزل الأجر والمثوبة لشيخنا - حفظه الله - لِما قدَّم من الخير ولا يزال، وأن يُعينه في دعوته إلى القرآن والسُّنة وترغيب الناس فيهما، إنّه وليُّ ذلك والقادر عليه وهو سبحانه خير مسؤول وأفضل مأمول، اللهم آمين.
فإلى محاورة شيخنا - حفظه الله تعالى- والاستفادة من أجوبته.
المحاور:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم على الحسنى إلى يوم الدِّين، وبعد:
شيخَنا الفاضل - حفظكم الله - :
نودُّ - جزاكم الله خيرا - أن نطرح عليكم بعض الأَسئلة؛ حتَّى يتسنَّى لنا من خلال جوابكم عليها كتابة نبذة عن حياتكم - أطال الله عمركم في الصالحات - حيث أنَّ - والحق يقال - كثير هم الإخوان والأخوات الذين يودون أن يتعرفوا على حياتكم.
وبدايةً، نرجو شيخنا - أحسن الله إليكم - أن تذكروا لنا اسمكم كاملا وسَنَة ميلادكم، وكذا اسم قريتكم أو بلدكم الأصلي؟

الشيخ - حفظه الله -:
بسم الله الرحمن الرحيم.
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لَّا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسولُه، أمّا بعد:
في حقيقة الأمر وقرارة النفس، أنَّني لا أحبذ ذكر هذه الترجمة، ولقد طُلب منِّي هذا من قبلُ مرارا وتكرارا واستمرارا وإصرارا من بعض الإخوان ولكنَّني أبَيت، ولمّا رأيتُ من خلال أسئلتكم وإلحاحكم والمصلحة التي اقتضت ذكر ذلك؛ حرص الكثير من الإخوان والأخوات معرفة هذه الترجمة، فنذكرها موجزة مختصرة.
أولا: اسم العبد الضعيف هو: عبد الغنيِّ عَوْسَات بنُ الحَسَن بنُ بَشير الوَغْلِيسِي، من شْمِينِي ولاية بِجاية.
تاريخ الميلاد: يوم الخميس ٢٠ جمادى الثاني ١٣٧٨؛ الموافق ل: ٠١ جانفي ١٩٥٩م، في نفس القرية - يعني شْمِينِي -، وقبل ذلك كانت العائلة تقطن في قرية "تَاقْرْيْتْ" بدائرة "سِيدِي عِيشْ" عموما أو "عَرْش بَنِي وَغْلِيسْ"، أيْ نعم.
المحاور:
بارك الله فيكم شيخنا.
نرجو كذلك أن تحدثونا قليلا عن بدايتكم في طلب العلم، وكيف كانت خطاكم الأُولى في طريق الطلب؟
الشيخ – حفظه الله -:
في الحقيقة، طلبُنا للعلم كان كسائر طلب الطلبة عموما وغالبا؛ وباختصار كانت البداية سنة ألف وتسعمائة وأربع وسبعين [١٩٧٤]، حيث كان لنا - والحمد لله- دراسات وجلسات استمرت واستغرقت سنتين مع الشيخ "عمرو الْعَرْباوي" - رحمه الله - في كتاب "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" لابن رشد المالكي، ثم مع تعرُّفي عليه ومعرفتي به ألفَيته رجلا يحب الأدلة وينبذ التعصب المذهبي، ويسير على الدليل ويثبُت عليه ويصير إليه ويتوقف عنده؛ ذكرا وأثرا وحجة وقوة كذلك أي صحة؛ كل ذلك جعلني أرتبط به وأقرأ عليه بعض الكتب كـ: "الاعتصام"، وفصولا كثيرة من "الموافقات" كلاهما للشاطبي، وكتاب "تفسير الأحكام" للسايس.
كما اغتنمت فرصة تعرُّفي على شيخ كان له اطلاع واسع وإدراك جامع ونافع لكثير من الفنون والعلوم الشرعية - علوم الأدلة -، وهو الشيخ "محمد مالك الوَغْلِيسِي" - رحمه الله -، فدرسنا عليه متونا في الأُصول، - الحمد لله - حفظنا "الورقات"أول ما حفظناها، وكذلك "مراقي السعود"، كما درسنا الأَلفية؛ "ألفية ابن مالك" وكذا القَطْر؛ أي "قطر الندى"، والأَلفية حفظناها - والحمد لله - عنده،
وكذلك اللامية؛ "لامية الأفعال" وفنونا أخرى.
وكانت لنا أيضا مجالس استغرقت سنوات عديدة ومديدة مع الشيخ "محمد الشارْف" - رحمه الله -، كان أغلبها في الفقه المالكي، وكان ذلك السبعينات والثَّمانينات.
وكذلك كانت لنا مجالس مع الشيخ "أحمد حمَّاني" - رحمه الله - في مقر "المجلس الإسلامي الأعلى"؛ يومئذ كان الشيخ "حمَّاني" رئيسا له فدرست عليه، كنا نجعل درسا خاصا، هو لا يريد أن يقول: يُدرَس عليَّ، قال: إنَّما نتدارس - هذا يعني من باب التَّواضُع منه فقط رحمه الله -، إذًا، كانت الدراسة في كتاب "قواعد الفقه" لبدر الدين الزركشي، وكتاب "نيل الأوطار" مع "الإتمام والإحكام"، وكانت لنا لقاءات وجلسات مع مشايخ آخرين.
نكتفي بما ذكرنا بارك الله فيكم.
المحاور:
بارك الله فيكم شيخنا.
بوُدنا كذلك أن نعرف متى أو في أي مرحلة من عمركم تعرَّفتم على المنهج الحق - منهج السلف الصالح -، وكيف تم ذلك؟
الشيخ - حفظه الله -:
الحمد لله الذي بصرنا بالحق المبين، وجعلنا من أتباعه على دعوة النبي الأمين - صلى الله عليه وسلم - والتمسك بهذا الحبل المتين، وتلقيه من أنقى مَعين، والحمد لله.
لمّا تعرَّفنا على هذا الشيخ "العَرْباوي" رحمه الله - أعني - في نهاية أربعة وسبعين [١٩٧٤] فذكر هذا الكتاب "بداية المجتهد ونهاية المقتصد"، الذي يذكر المسألة وأدلتها، واختلاف الفقهاء في طرح الأدلة والاستدلال بها والاستنباط منها، ونحو ذلك مما هو منهج الفقهاء في الاستقراء والاستقصاء، أو في الاستدلال والاستنباط، أو نحو ذلك من هذه الوسائل والمناهج، - فالمهم - هذا الذي جعلنا نعطي قيمة للدليل، ونتحرى الدليل ونلتمس الدليل ونسعى إلى معرفة الدليل؛ لأن الفقه مستمد من الكتاب والسُّنة؛ فالإنسان – ثمة - كانت تميل نفسه، أو يجد نفسه نزَّاعة وميَّالة - بكل صراحة - توَّاقة إلى معرفة الحق، من مصادره وبوسائله وأدواته، ومن أهله وذويه ومنهجه وطريقته، هكذا، هذا الذي جعلنا - والحمد لله - نستحسنه، هذا الذي جعل قلوبنا تطمئن له وتقر أعيننا به؛ هذا المنهج .
 وكانت - بكل صراحة - من أوائل هذه الرسائل التي قرأتها، أذكر - وهذا سنة خمس وسبعين وتسعمائة وألف - رسالة الشيخ الألباني - رحمه الله تعالى - "الأجوبة النافعة" وكذلك "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم"، وغيرها من كتب شيوخ الاسلام وأئمته الأعلام، كابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب وغيرهم عليهم رحمة الله؛ فازددت تعلقا وتمسكا وازددت - كذلك - حرصا واستقرارا واستمرار في طلب هذا العلم، والاستقرار على أصوله وفصوله، هكذا تماما.
وبَعدُ، الحمد لله هذا الذي جعلنا نستزيد، فكلما استزدنا وجدنا المزيد وظفرنا بما نريد والحمد لله العزيز الحميد.
المحاور:
ما شاء الله.
من خلال جوابكم هذا، نرجو لو تسدون نصيحة لشباب اليوم؛ لتوجيههم وتوعيتهم حول ما يلزمهم ويتطلب عليهم من الاستمساك بمنهج السلف الصالح والاستقامة عليه، جزاكم الله خيرا؟
الشيخ - حفظه الله -:
في الحقيقة، الذي ننصح به الإخوان ما نصحنا به قبل ذلك الإخوان، - لما نقول الإخوان؛ نقصد الإخوان الناصحين المحبين لنا؛ نقصد بهم الإخوان المحبين للخير والحريصين على تعلمه وتعليمه والعمل به والدعوة إليه -،والذي ننصح به الشباب:
 أن يعرفوا الحق وأن يلتزموا به، أن يتحرَّوه ويتحلَّوْا به، أن يستَيقنوا هذا الحق ويتثبتوا ويستبينوا ويتأكدوا من كونه على ما تدل عليه وما تبينه هذه الأدلة الأثرية والبراهين الشرعية، فالحق واحد لا يتعدد، ولذلك الله - سبحانه وتعالى- أمرنا جميعا بالاجتماع على الحق والتمسك به، فقال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [آل عمران: ١٠٣].
إنما نريد منهم فقط أن يتعلموا، والعلم هو إدراك الشيء على وجهه إدراكا جازما؛ إدراك الشيء على حقيقته وماهيته وكنهه وجنسه، هكذا، فيحاول أن يدركه إدراكا كليا، أن يحيط به إلماما سُنيا شرعيا، فلذلك الذي يقال بكل صراحة:
أنه ينبغي على الإنسان أن يسعى في معرفة ذلك، ويبدأ بالأصول إذا أراد الوصول، يبدأ بمعرفة المبادئ، يبدأ بمعرفة حقيقة العلم لأنه كما قيل قديما: "العلم إن طلبته كثير والعمر عن تحصيله قصير - قليل - فليبدأ الإنسان بالأهم ثم المهم"، هكذا.
أو كما قيل :
               أيُّـها الـغادي ليطلب علمــا          كـل علم عبد لــعـلم الــــرسول
               أتطلب فرعا لتصحح أصلا          فكيف جهلت علم أصل الأصول
فلذلك ننصح الشباب بعدم الاستعجال وعدم إهمال مثل هذه البدايات والخطوات، يريد أن يبلغ الغاية وهو لم يتحر بعد الوسيلة؛ هل هذه الوسيلة موصلة ومؤصلة وموصولة أو منقطعة ؟ هل هذه الوسيلة قوية أم لا ؟ هل هذه الوسيلة قويمة أم لا ؟ لا بد أن نتأكد من سلامة المنهج، وصحة وقوة الطريق، وشرعية المواد والأدوات والآلات، والصواب في الاتجاه، والسداد في الاستحضار؛ أي استحضار الأهداف والغايات، فلابد للإنسان أن يستحضر كل ذلك ابتداءا ودواما وانتهاء، فهذه هي المسألة التي نريدها والتي ننصحهم بها.
وكما قيل، الحمد لله أن جعل الله لهم أسوة وقدوة، جعل لهم من يقتدون بهم ويتمثلون ويتَّبعون أثارهم ومنهجهم، شبرا بشبر حركة بحركة؛ حتى يسلموا إن شاء الله، وحتى ينجوا ويصلحوا ويفلحوا إن شاء الله، قال ربنا - سبحانه وتعالى-: {فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ}[البقرة: ١٣٧]، وقال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النساء: ١١٥].
فلا بد من اتباع سبيل المؤمنين وسبيل الصلاح والفلاح، ولهذا كما قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "من كان منكم متأسيا فليتأس بأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -" أي؛ إذا كنتم مقتدين ومؤتسين فلتَأسوا بأصحاب النبي - عليه الصلاة والسلام -، فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقهم علما وأقلهم تكلفا وأحسن حالا وأصلح هديا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم".
فقد كانت مجتمعة فيهم تلك الخصائص والمقومات والفضائل والصفات الفاخرة الفاضلة، التي يجدر توافرها وتظاهرها في الأمَّة المثالية التي ضربها الله - سبحانه وتعالى- مثالا لكل البريَّة، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: ١٤٣].
عموما هذا الذي ننصح به، اختصارا لا بد أن يسيروا على منهج سلفهم؛ فيسيروا على منهج علمائهم؛ إذا سار المتأخرون على منهج المتقدمين وساروا على دربهم، وصلوا إلى حيث وصلوا، وقديما قالوا : "وكل من سار على الدرب وصل" أي؛ على درب وركب من سبق، فيكون - إن شاء الله - التزاما وانسجاما وانضباطا وارتباطا، إن شاء الله يسلم الإنسان ويسعد ويصل بإذن الرحمن.
المحاور:
نرجو كذلك شيخنا بارك الله فيكم لو تحدثونا عن المشايخ الذين تعرفتم إليهم أو جالستموهم أو جلستم إليهم سواء في الجزائر أو خارجها ؟
الشيخ - حفظه الله -:
والله، في الحقيقة ذكرنا الذي ذكرنا.
وخارج الجزائر، طبعا تعرَّفنا على مشايخ كثيرين، وكانت لنا مراسلات معهم لا داعي لذكرها الآن؛ حتى لا نستطرد ولا نسترسل في ذكر مثل هذه الأشياء.
وكذلك جلسنا إلى مشايخ - والحمد لله - نفرح ونسعد ونتشرف بذكر هؤلاء العلماء الفضلاء، كالشيخ العثيمين مثلا، والشيخ ابن باز ومشايخ آخرين غيرهم - ما شاء الله -،  وكان حِرصُنا دائما وأبدا أن نسير ونصير إلى مثل هذه الأماكن التي نجد فيها العلماء.
نكون حريصين على الالتقاء بهم ومجالستهم ومكالمتهم، إلى غير ذلك من وسائل الاتصال بهم حتى يستفيد الإنسان منهم، وهكذا والحمد لله.
ولذلك يكون لقاؤنا - يعني- حِرصُنا على مثل من كان كذلك، أذكر مشايخ مثل الشيخ ربيع، والشيخ عبد المحسن، وغيرهم من المشايخ الفضلاء، حتى لا أذكر بعضهم وأنسى بعضا، الحمد لله استفدنا ونحمد الله سبحانه على هذا التوفيق.
المحاور:
الحمد لله، وسؤال أخير شيخنا:
هناك بعض الناس أو الإخوة يتساءلون، يقولون: لماذا الشيخ عبد الغني جُلُّ جهوده تتجه إلى إلقاء المحاضرات والدروس، عوضا عن التأليف والكتابة وما شابه ذلك؟
وأيضا متى كانت بدايتكم للدعوة إلى الله ؟
الشيخ - حفظه الله -:
في الحقيقة، أعطينا جانبا كبيرا للمحاضرات والدروس وغير ذلك من هذه الوسائل الدعوية في نشر العلوم الشرعية، حقا يعني بكل صراحة، لم نهمل جانب التأليف؛ إنّما لنا أشياء لا تزال مُسَوّدة ولا تزال - إن شاء الله - معدة لذلك، ندعو الله أن يوفقنا لإخراجها في أحسن الأحوال وفي أقرب الآجال إن شاء الله، لكن أعطينا أهمية لأمور لعل في بعض الأحيان تقتضي مزيد اهتمام، يعني؛ الأهميةُ الحاجةُ تقتضيها؛ اهتمامُ الناس بها وحاجة الناس إليها وحرصهم كذلك ودعوتهم لتحقيق ذلك، هذه العوامل كلها مما جعلنا نعتني بكل ذلك والحمد لله، لكن الحقيقة بعض الناس يخطئون لمّا يظنون أنّنا لم نعط لهذه العلوم أهميتها، فممكن يقال لك مثلا، إنما هي محاضرات فقط في مجالات معينة أو في مقالات معلومة أو محدودة، يعلمُ الله أنَّنا نحرص على أن تكون الدروس علمية، ولهذا فكنا نقيم الدروس منذ سنة سبعة وسبعين [١٩٧٧]، أذكر يومئذ لمّا كنا - والحمد لله - حريصين على أن يحفظ الشباب متن "العقيدة الطحاوية"، فحفظوها والحمد لله وشرحناها لهم، وكذلك حفظوا "البيقونية" وشرحناها لهم في تلك السنوات، وكذا بعض المتون الأخرى.
كما كنا نشرح في (ديَارْ جْماعَة) - وكان هذا المجلس يحظره طلبة الشريعة في (جامعة خروبة)- شرحنا لهم علم أصول الفقه ؛ يعني كنت شرحت لهم هذا الكتاب "علم أصول الفقه" لعبد الوهاب خلاف مع التعليقات على ما فيه من كلام مصنِّفه؛ وإن كان هذا استنصاحا استنصحت فيه الشيخ الألباني فنصحني بتدريسه، يعني سنة ألف وتسعمائة واثنين وثمانين [١٩٨٢]فنصحني بتدريسه فدرَّسته للشباب.
وكذلك درَّسنا لهم "الباعث الحثيث"، وكذا "بلوغ المرام" و"سبل السلام" أي هذا الشرح مع التعليق، و"الروضة الندية" في (مسجد لافايونس) و"العمدة" و"الأصول الثلاثة" و"شرح رياض الصالحين" في (مسجد الحراش) و"الأصول من علم الأصول" (بمسجد سْفْنْجَة)، و"شرح سنن الترمذي" و"شرح صحيح الترغيب والترهيب" في (مسجد السلام) بالمّحمّديَّة، وكذا شرحت "الأصول من علم الأصول" في (مسجد ابن باديس) بالقُبَّة، و"مناهل العرفان في علوم القرآن" في (مسجد ابن حداد بن عمر) ؛ يعني كانت لنا دروس منذ ذلك الوقت.
وحقا الآن، لنا رحلات ودورات وندوات ومحاضرات ما شاء الله، سواء كان ذلك في الإقامات الجامعية أو المراكز الثقافية وغير ذلك من الملتقيات العلمية، فهذا الذي جعلنا - بكل صراحة - نُولي مزيد اهتمام وجهد لهذه الأمور لاقتضاء الحاجة.
في الحقيقة الحاجة هي التي اقتضت ذلك منذ سنوات عديدة ومديدة خلت إلى يومنا هذا؛ يعني إلى يومنا هذا امتدت الحاجة ولا تزال تقتضي كل ذلك، هذا الذي جعلنا نسير ونستمر على تلك الطريقة والمنهجية، ولكن مع عدم إهمالنا لجانب الكتابة، إنّما ممكن جدا أنّ قضية عدم الاستعجال في إخراجها وطباعتها ترجع لعوامل، في بعض الأحيان هناك عوامل تحول دون تحقيق ذلك؛ قد ينشغل الإنسان بهذه المحاضرات والتنقلات المستمرة طيلة السنة، بل تصل سنةً بأختها ولا تكاد تجد انقطاعا بين السنة والتي قبلها أو التي بعدها، يعني كما أقول: أنا قلت للإخوة عند عامة الناس، في محاضراتهم وجهودهم ونشاطاتهم يأخذون بين التعب والتعب راحة، أما أنا عندي في الجزائر، للأسف الإخوان لا يراعون هذا، فيجعلون بين التعب والتعب تعبا؛ أي بدل أن نأخذ ذلك الوقت للراحة، ذلك الوقت ينازعوننا فيه وينافسوننا فيه ويأخذون حظنا منه، فيكون حظهم الأكبر والأوفر والأظهر، إنما يكون حظنا منه أقصرَ ولا أقول أخسرَ؛ إنما أقول أقصر كمًّا ولكن - إن شاء الله- أربح نوعا وأثرا.
هذا الذي جعلنا عموما نتوجه إلى هذا الجانب وخاصة في سنوات قد مضت.
اليوم - الحمد لله - فيه دعاة كثيرون وفيه طلبة تخرجوا والحمد لله، لكن قبل ذلك كانوا قلة قليلة، كانوا قليلين جدا، واليوم - إن شاء الله - لعل الإنسان يتفرغ لشيء آخر، هو جانب تبييض وإخراج هذه الأشياء؛ هذه الجهود الكتابية مثلما كانت جهودا علمية إلقائية وبيانية، والعلم كما تقولون - يعني- دائما هذه الوسائل وهذه الأدوات كلها، إذا كانت من أجل ضبطه وحفظه ونشره وبذله، فإنما ينبغي أن تكون فقط حسنة، إذا كانت مضبوطة تماما ومحفوظة تماما ومنشورة تماما على الوجه الشرعي الذي ينفع العالِم والمتعلم؛ العالِمُ ينفعه - إن شاء الله - أثرا وثوابا وأجرا ومآبا، والمتعلم كذلك ينفعه توجيها وترشيدا وتعليما وتربية، والله تعالى الموفق.
أمّا متى بدأت الدعوة - يعني- عموما في عام ألف وتسعمائة وسبعة وسبعين [١٩٧٧]، كانت لنا تنقلات متعددة إلى أماكن متنوعة، ويومئذ - بكل صراحة - كنا نتنقل راجلين، وأذكر مرة كانت لي تنقلات إلى مدن الشرق الجزائري لعقد بعض المجالس العلمية، وكذا إلقاء بعض الدروس التوجيهية والعلمية كذلك، فأذكر مرة أني ذهبت إلى "سطيف" - بكل صراحة - استعملت القطار الرابط بين "الجزائر" و"قسنطينة"، ولم أكن أدري بعد فراغي من إلقائي درساً في مسجد (الكاليتوس) "بباش جْرَّاحْ"، وبعد المغرب استقللت وامتطيت هذا القطار متوجها شطر "سطيف"، ولم أكن أعرف آنذاك أنّ ذلك القطار مملوء عن آخره بالشباب الذين كانوا ذاهبين إلى مدينة "قسنطينة" لمشاهدة مباراة في كرة القدم، وأحوالهم يومئذ كانت مخيفة، مرهبة - تعرفون أحوال وسلوك الناس في مثل هذه المناسبات وفي مثل هذه الظروف -، ولم أظفر بمقعد في العربات، إنّما وُجد مكان يسعني الجلوس فيه في تلك المواقف التي بين العربات.
فكانت لنا في بعض الأحيان هذه الأشياء التي نذكرها وتبقى راسخة في أذهاننا، ولكن نبقى دائما وأبدا نحمد الله - سبحانه وتعالى- على سلامتنا وعلى اهتدائنا واستقامتنا، ونسأله سبحانه كذلك أن يثبتنا على ذلك ويختم لنا به، آمين، والله الموفق.
كما كانت لنا نشاطات في الإذاعة، لمّا دُعينا للإذاعة سواء القناة الأولى بالعربية أو القناة الثانية بالقبائلية، وكانت لنا في هذه الأخيرة نشاطات في الدروس والتوجيهات والفتاوى والإرشادات، وهذه الحصة استغرقت خمس عشرة سنة، وكذلك القناة الأولى كان لنا "حديث الصباح" و"حديث الجمعة"، استغرق مدة من الزمن واستحسنه الكثير من المستمعين، فنحمد الله - سبحانه وتعالى- على ذلك.
المحاور:
شكرا جزيلا شيخنا الكريم، وجزاكم الله خيرا على قبولكم الإجابة على أسئلتنا، نسال الله تعالى أن يجعل جهودكم في ميزان حسناتكم وأن يوفقكم لما يحبه ويرضاه، آمين.
"وسبحان الله وبحمده أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك".


 http://www.aoussat.com/index.php?lang=ar




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تصميم وتكويد: أيهم خالد